تتزايد نسبة الإنتحار حول العالم في كل عام يضع مايقارب 800000 شخص نهاية لحياته، هذا فضلا عن الكثيرين ممن يحاولون الانتحار. وتمثل كل حالة انتحار مأساة تؤثر على الأسر والمجتمعات والبلدان بأكملها بما تحدثه من آثار طويلة الأمد على من تركوهم وراءهم.
يحدث الانتحار في مختلف مراحل العمر، وقد سجل ثاني أهم سبب للوفيات بين من تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً على الصعيد العالمي في عام 2016.
الانتحار لا يحدث في البلدان المرتفعة الدخل فحسب، بل هو ظاهرة عالمية في جميع أقاليم العالم. وفي حقيقة الأمر، إن أكثر من 79% من حالات الانتحار العالمية في عام 2016 حدثت في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
ويمثل الانتحار مشكلة خطيرة في كل المجتمعات، في لبنان سجل عدد من حالات الإنتحار في أيام قليلة بسبب الوضع الاقتصادي المتردّي والضغط النفسي الناتج عن تراكم المتطلبات المعيشية اليومية والاجتماعية في ظل الأزمة الإقتصادية وفقدان عمل، أو اقتطاع راتب، وحالات العوز واليأس وتراكم الديون وغيرها.
وليس العامل المادي والإقتصادي وحده هو المسؤول عن الوصول إلى الإنتحار بل هناك أسباب أخرى منها:
1. الحالات النّفسيّة: تصيب بعض الأفراد حالات نفسيّة مزمنة تفقدهم الرّغبة في الحياة والمتعة بها، وتُشعرهم بالقلق الدّائم، وما يزيد من حدّة المشكلة هو القدرة المحدودة على السّيطرة على هذا المسبّب، ومن أبرز الأسباب التي تشكّل حالةً نفسيّةً للشّخص الإنحرافات الجنسية، التّحرّش الجنسيّ، والتّفكّك الأسريّ، الفقر والعوز والبطالة والوضع المادي السيئ.
2. الاضطرابات النّفسيّة الحادة: قد يعاني الفرد من أمراض نفسيّة تؤدّي به إلى الانتحار؛ كالهوس، والانفصام، والاضطراب الاكتئابيّ الحادّ، فدخول المريض حالة من الهستيريا يؤدّي به إلى اضطرابات المزاج، وبالتّالي الغضب الشّديد، ونهايةً الانتحار، كما أنّ الصّدمات قد تؤدّي بالأشخاص إلى مثل هذا العمل المشين.
3. إدمان المخدّرات وتعاطيها: تعتبر المخدّرات من مذهبات العقل التي تؤدّي بالإنسان إلى فعل كلّ ما لا يتقبّله العقل البشريّ السّليم، فمن الممكن لمدمن المخدّرات أن يمارس سلوكات ويقدم على أفعال وهو غير مدرك لها تحت تأثير المخدّر، كالقتل والاغتصاب والانتحار.
4. حالات طبيّة مرضيّة: أكّد أطبّاء على وجود ارتباط وثيق بين المشاكل الصحيّة والانتحار، ومن بينها إصابات الدّماغ المرضيّة، والسّرطان، والفشل الكلويّ، والإيدز، وغيرها من الامراض، كما أنّ الانتحار قد يكون نتيجةً للآثار الجانبيّة لبعض الأدوية، كما يلعب الأرق وانقطاع النّفس النّوميّ دوراً في إصابة الفرد بالاكتئاب الذي قد يوصله إلى الانتحار.
5. وسائل الإعلام: تنقل وسائل الإعلام المقروء والمرئيّ أخباراً حول حالات الانتحار والطّرق المتّبعة، وذلك ما ينمّي لدى الأفراد الرّغبة بتطبيق الأسلوب ذاته، فيذكّر الإعلام الفرد بهذه الوسيلة، الأمر الذي يعدّ خطراً بالغاً على حياة الفرد، وهذا ما يعرف بعدوى الانتحار.
6. القناعة الأكيدة لدى الفرد بأنّ التّخلّص من هموم الحياة يعّدّ سبباً مقنعاً للإقدام على الانتحاروالهروب من ضغوطات الحياة، وفي هذه الحالة إذا لم يتمّ استئصال الفكرة من جذورها لدى الفرد فلن تنجح أيّ وسيلة أخرى بردعه عن هذه الخطوة.
كيف تتخلّص من فكرة الإنتحار؟
– الحصول على استشارة طبية نفسية، حيث ستقف على الدوافع المسببة لفكرة لإنتحار ليبدأ علاجها والتخلص منها.
– إذا راودتكَ هذهِ الفكرة فاطردها بالعمل النافع ، وحاول أن تخرج إلى فضاء واسع وفكّر بإيجابيّة وصلي لربك مهما كان دينك.
– حاول ألاّ تختلي بنفسك وتبقى وحيداً إذا أحسست بدوّامة الأفكار الهدّامة التي لا تقود إلى خير، بل اسعى للجلوس بين الناس وخصوصاً أصحاب الطاقات الإيجابيّة، وأصحاب النفوس المعطاءة ، الذين يُبادرون إلى عونِك ويُسدون إليك النصح والعون ، فالحياة الإجتماعيّة الطيّبة والصُحبة الجيّدة هي دواء للإنفعالات النفسيّة السلبيّة.
– ابحث لنفسك عن حلول للمشاكل التي تعتريك، فإذا كانت ضائقة الحياة الماديّة هي السبب فحاول أن تبحث عن عمل وأن تجد سبيلاً إلى طلب الرزق ، فإنّ طلب الرزق أمرٌ واجب وليس لكَ أن تتركه وتستسلم للفقر وتلعن الظلام، فاسعَ في الأرض وتوكّل على الله ، وإذا كان سبب تفكيرك في الإنتحار هو خسارة شخصٍ عزيز أو غدرٌ من مُحبّ أو عدم حصول أمرٍ تتمنّاه فتذكّر أنّ كلَّ شيءٍ مقسوم ومُقدّر في هذهِ الحياة ، وليس لكَ إلاَ ما كتبهُ الله لك وركز على الجوانب الإيجابية في حياتك.
الحدّ من ظاهرة الإنتحار:
يجب على الجهات المسؤولة عن الأفراد من حكومات وأُسر اتّخاذ أشدّ الإجراءات الوقائيّة للحدّ من ظاهرة الانتحار والتّقليل منها بدلاً من ترسيخها، وتقع مسؤوليّة القضاء على هذه الظّاهرة على عاتق المجتمع بأكمله وليس على فرد بعينه أو جهة معيّنة، فبمعالجة الأسباب المؤدّية للانتحار تتلاشى هذه الظّاهرة المحرّمة، ومن أهمّ هذه الطّرق:
– التربية والتنشئة السليمة: تعتبر الأسرة الّلبنة الأساسيّة في المجتمع، فهي المسؤولة عن المرحلة الأولى التي يبدأ الفرد فيها باكتساب عاداته، وتكوين ذاته، وبناء أفكاره ومعتقداته، فإذا نشأ ببيئة صالحة كان فرداً صالحاً، أمّا إذا كانت البيئة سيّئة فإنّ ذلك ينعكس عليه وعلى مجتمعه مستقبلاً.
– الوازع الدّينيّ: يعدّ الوازع الدّينيّ والخوف من الله سبباً قويّاً لردع الإنسان عن الانتحار، وعن كلّ ما هو محرّم، فالمؤمن مهما كان دينه لا يفقد الثّقة بالله، وبحكمته، وعدله، ورحمته، فهو يعلم بأنّ بعد العسر يسرا، وبعد كلّ ضيق فرج.
– تعزيز روح التّفاؤل لدى الفرد والإختلاط بأناس إيجابيين.
– الحدّ من العنف الأسريّ والمشاكل الزّوجيّة: فالمشاكل الأسريّة تؤثّر بالدّرجة الأولى على نفسيّة الطّفل أو الأبناء بشكل عام ممّا يؤدي إلى لجوئهم إلى ما يخلّصهم من هذه الضّغوطات النّفسيّة.
– الرّعاية الاجتماعيّة: إذ يعتبر الفرق بين الطّبقات الاجتماعية عاملاً مسبّباً للانتحار، والرّعاية الاجتماعية تساعد على الحدّ من هذه الظّاهرة.
– التّوظيف والقضاء على البطالة: إنّ العمل على توفير فرص عمل ووظائف للعاطلين عنه يؤدّي إلى التّقليل من ظاهرة الانتحار، لأن العمل يملأ أوقات الفراغ، ولا يكون هناك أيّ مجال أمام الشّباب للتّفكير بطريقة سلبيّة والإقدام على الانتحار، فبالعمل يشعر الإنسان بأنّه كائن منتج، فيشعر بالإنجاز، ويعرف أنّ وجوده في الحياة ذو قيمة.
– تقييد فرص الحصول على الوسائل المسهّلة للانتحار كالأسلحة النّاريّة، والسّموم، وغيرها.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.