شكل الوضع الإقتصادي العالمي المتأزم- مع كل الآثار التي نتجت عنھا من إرتفاع في الأسعار وزیادة في التضخم- عبئا إضافیا على لبنان العائم على أزمات متعددة، دمرت نظامھه الصحي وعرضت حیاة الأطفال للخطر. دفع الإنھیار الإقتصادي الكارثي المتشعب في لبنان، الذي ترافق مع انتشار جائحة كوفید-19 وتأثیر تفجیرات مرفأ بیروت في الرابع من آب 2020، عائلات كثیرة الى الحضیض، وجعلھا تكافح جاھدة من أجل التأقلم، وسط تزاید ھائل في نسب الفقر والتضخم المتفاقم. بالإضافة الى كل ذلك، أدى الإرتفاع العالمي في أسعار الوقود، الى جانب عجز لبنان عن إستیراد بعض المواد الخام، بینھا القمح، الى إرتفاع الأسعار الى مستویات عالیة.
یعاني القطاع الصحي في لبنان من ھجرة جماعیة ھائلة للعاملین الصحیین. فقد غادر نحو 40 في المئة من الأطباء- بینھم أطباء حدیثي الولادة وأطباء الولادة والأمراض النسائیة- و15 في المئة من ممرضات وحدات العنایة المركزة لحدیثي الولادة، و30 في المئة من القابلات العاملات في البلاد، وھذا ما أثار بشكل خطیر على جودة الرعایة الصحیة وإمكانیة وصول الأطفال والنساء إلیھا.
مع جمود عملیة التوظیف من قبل المؤسسات الصحیة في البلاد، والقیود المفروضة على إستیراد الأدویة والمعدات، إشتدت إستحالة إمكانیة توفیر حتى أبسط متطلبات الرعایة الصحیة- حیث أبلغت 58 في المئة من المستشفیات عن نقص في الأدویة، و39 في المئة من تلك المستشفیات أفادت عن نقص في المواد الإستھلاكیة الطبیة الخطیرة. في ظل ھذه المشھدیة، باتت عائلات كثیرة عاجزة عن تحمل تكالیف نقل أطفالھا الى مركز صحي، وزیارة قطاع رعائي خاص، الذي كان یستخدم على نطاق واسع قبل الأزمة، وأصبح الوصول الى تلك الرعایة بعید المنال كلیا بالنسبة الى عائلات عدیدة.
بعد مرور نحو ثلاثة أعوام على الأزمة الإقتصادیة، یرجح إستمرار وضع الأطفال في لبنان في التدھور. بین نیسان/ أبریل وتشرین الأول/ أوكتوبر 2021 ،إرتفع عدد الأطفال في لبنان الذین لم یتمكنوا من الحصول على الرعایة الصحیة التي ھم بحاجة ماسة إلیھا من 28 في المئة الى 34 في المئة، وذلك وفقا لمسح سریع أجرته الیونیسف. وبینت دراسة أخرى أن أكثر من 50 في المئة من العائلات لم تتمكن من الحصول على الأدویة التي تحتاج إلیھا.
في ظل معاناة نحو 80 في المئة من السكان في لبنان من الفقر، یرجح أن تدفع الزیادات الدوریة في أسعار الوقود الناس الى إتخاذ المزید من القرارات المؤلمة، بینھا خفض النفقات الصحیة بشكل كبیر.
المصدر: اليونيسيف