يشعر المراهقون في هذه المرحلة أنهم بالغون بالفعل، ولكن في واقع الأمر، هم لا يزالون أطفالًا. مع التغيرات الهرمونية والكثير من الأمور التي تحدث في أجسامهم، يكون من الصعب عليهم التعامل مع كثير من المواقف على النحو المناسب.
في هذه المرحلة، يمر المراهقون بمرحلة حرجة للغاية من حياتهم، فهم بحاجة إلى آبائهم ومعلميهم لرعايتهم والاهتمام بهم ومنحهم الشعور بالانتماء، لكنهم لن يطلبوا ذلك أبدًا.
إذا شعر المراهقون أن آباءهم ومعلميهم لا يساندونهم، وينتقدونهم باستمرار، ويعاقبونهم دائمًا، ويصدرون أحكامًا على كل خطوة من خطواتهم دون وجود حوار حقيقي بينهم، فسوف يشعرون بعدم الانتماء وهم داخل منازلهم ومدارسهم.
ومع حدوث ذلك، يمكن أن يفقد المراهقون القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، ويسعون نحو الحصول على الدعم والمؤازرة من أشخاص آخرين قد لا يكونون الأفضل بالنسبة لهم.
ستمر هذه المرحلة في كل الأحوال، لكنها يمكن أن تنتهي بالحصول على دفعة إيجابية نحو مرحلة النضج، أو يتحول المراهقون بعدها إلى أشخاص بالغين يعانون من الارتباك، وتدني تقدير واحترام الذات، والشعور بالحيرة والضياع.
لماذا يصعب التعامل مع المراهقين؟
إنه أمر طبيعي. فوفقًا للأبحاث العلمية، هناك نظامان مهمان في مخ المراهق لا ينضجان في ذات الوقت:
نظام ينضج عند سن البلوغ: وهو النظام المسؤول عن السعي وراء المكافآت والفوائد الواضحة (مثل الحصول على شعبية بين الأصدقاء)، والإثارة (مثل كسر وخرق القواعد).
ونظام ينضج في منتصف سن العشرينات: وهو النظام المسؤول عن ضبط النفس.
فكّر في الأشياء التي يمكن أن تؤثر على أطفالك المراهقين وتجعلهم يتصرفون بهذه الطريقة:
- التغيرات التي تحدث في أجسامهم مع البلوغ: يمكن أن تتسبب التغيرات الجسدية والهرمونية في تكوين صورة مشوهة لدى المراهق عن جسده، كما تتسبب التغيرات الهرمونية في حدوث تقلبات مزاجية حادة.
- حاجتهم إلى إثبات أنهم أصبحوا بالغين وأنهم بحاجة إلى أن يكونوا مستقلين، مما قد يتسبب في تمردهم على القواعد.
- أشياء تحدث بالمنزل: الغيرة الأخوية، النزاعات الأسرية، مواجهة الصعوبات المالية التي يعرف عنها المراهق، وغير ذلك.
- أشياء تحدث في المدرسة: الأعباء الدراسية، التنمر، الرفض أو الإقصاء من قبل الأصدقاء أو زملاء الفصل، وما إلى ذلك.
- عدم القدرة على التعبير عن مخاوفهم وقلقهم خوفًا من أن يتم الحكم عليهم أو انتقادهم أو معاقبتهم.
- عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم أو التغذية الصحية.
الاستماع إلى المراهقين مهارة
غالبًا ما يقول المراهقون “أنتم لا تعرفون شيئًا عما نمر به”، ولفهم ما يمر به أولادك المراهقون، عليك بالاستماع إليهم بمهارة:
- اختر لحظة يكون فيها أولادك في حالة مزاجية جيدة، واطلب منهم أن يخبروك عن شيء حدث خلال يومهم:
- استمع جيدًا وتأكد من إظهار إشارات تدل على أنك مستمع جيد، مثل إظهار الود والاهتمام بالحديث، والإيماء بالرأس، والجلوس في نفس مستوى أولادك، والنظر لأعينهم مباشرة.
- تجنب مقاطعتهم وانتظر حتى ينتهوا من الحديث.
- اطرح عليهم أسئلة لإظهار أنك مهتم بالفعل (مثل “ثم ماذا حدث؟””و “ماذا فعلت؟”).
- تجنب إصدار الأحكام وإلقاء المحاضرات عليهم إذا قالوا أنهم ارتكبوا خطًا ما، فقد يمنعهم ذلك من إخبارك لاحقًا. انتظر حتى ينتهوا وفكر في أساليب ممكنة لمعالجة هذا السلوك السلبي في وقت لاحق.
- تحدث مع أطفالك المراهقين عن شعورهم بأنه يتم الاستماع إليهم، وهل – بهذه الطريقة – يشعرون بأنك تفهمهم على نحو أفضل؟
لكي تجعلهم يستمعون إليك، جرّب “الطلب الإيجابي” بدلًا من “الأمر”
الطلب الإيجابي هو أن يُطلب من شخص فعل شيء ، وليس التوقف عن فعل الشيء.
“عد مبكرًا”، بدلًا من “لا تتأخر كما تفعل دائمًا”
كيف تقوم بطلب إيجابي؟
- قم بالتواصل من خلال النظر في العين.
- حدّد بالضبط ما الذي تريد من الطفل المراهق أن يقوم به (مثال: من فضلك نظّف غرفتك).
- أخبره كيف سيجعلك هذا الأمر تشعر (مثال: ستساعدني بشكل كبير عندما تنظف غرفتك).
- استخدم عبارات تعبر عن الاحترام والتقدير مثل: “أود منك أن تفعل …”، “سأكون ممتنًا لك إذا قمت بـ…” ، ” من المهم جدًا بالنسبة لي أن تساعدني في ….”
- امدح الطفل المراهق حين يقوم بتنفيذ الطلب.
كيف نتعامل مع السلوك السيء؟
حين يتجاهل أولادك ما تطلبه منهم، أو يخالفون قاعدة اتفقتم عليها معًا، كيف تخبرهم – بطريقة إيجابية – أنهم يتصرفون بطريقة غير مقبولة أو سيئة؟
- عبّر لهم عن مشاعرك السلبية تجاه هذا السلوك
- انظر إليهم وتحدث بحزم.
- قل لهم بالضبط ما فعلوه وأغضبك (أشعر بالضيق عندما تقوم بـ….).
- أخبرهم بما يمكن عمله لتدارك الموقف أو إصلاح الخطأ (سأكون ممتناً لو قمت بـ….).
- اقترح عليهم كيف يمكنهم التصرف لتجنب حدوث ذلك في المستقبل ( في المستقبل، أقترح أن ….).
استخدم العواقب بدلًا من العقاب
تختلف العواقب عن العقوبات، فالعواقب هي فرص أمام أولادك لتعلم أن تصرفاتهم وأفعالهم سيكون لها تأثير عليهم وعلى الآخرين. كما أن العواقب تساعد الأطفال على تعلم الاستقلالية، واتخاذ القرارات، وتحمل المسؤولية.
أنواع العواقب:
عواقب طبيعية: العواقب التي لا تتطلب تدخلًا من الآباء، وهي نتيجة طبيعية لسلوك المراهق.
مثال: “إن لم تضع ملابسك في سلة الغسيل، لن يكون لديك أي ملابس نظيفة لترتديها”
عواقب منطقية: هي العواقب التي تنتج عن سلوك بعينه، مثل عدم الامتثال للقواعد
مثال: “إذا عدت للمنزل متأخرًا، لن تحصل على وقت للراحة غدًا”
كيفية شرح العواقب المترتبة على عدم اتباع القواعد
حدد المقصود بسوء السلوك: ما تريد أن يفعله أولادك، وما لا تريد منهم أن يفعلوه.
حدد عاقبة واضحة ستحدث في حالة قيامهم بالسلوك السيء (إذا حدث ….، ستكون نتيجته…..).
عند حدوث ما سبق رغم تحذيرك، قم بتطبيق العواقب على الفور، وذلك بعد لفت نظر أولادك إلى العلاقة بينهما.
ساعدهم في حل مشاكلهم
أحياناً يتصرف أولادك بطريقة سلبية، لأنهم يشعرون بالقلق والتوتر بشأن مشكلة أخرى. وعلى الرغم من أهمية أن تجعل أولادك مستقلين ويحاولون اكتشاف الأشياء بأنفسهم، إلا أنه عليك أن تجعلهم يعرفون أن بإمكانهم دائمًا اللجوء إليك للحصول على المساعدة.
خطوات حل المشكلات:
- حدد المشكلة بوضوح.
- فكروا سويًا في الحلول الممكنة، وشجعهم على التوصل إلى حلين أو أكثر.
- تحدث معهم عن كل حل من هذه الحلول، وما شعورهم تجاهه، ثم عبر عن شعورك أنت تجاه كل حل بأن تقول مثلًا “لن أكون مرتاحًا لهذا الحل بسبب…….”، أو “أرى هذا الحل ممكنًا بسبب …..”.
- اختر الحل الذي يبدو الأفضل، وقم بتجربته.
- تحدث مع أولادك وتابع الأمر معهم: هل نجح الحل؟
العواقب يجب أن تكون:
- مختلفة عما يستخدمه الآباء للمكافأة.
مثال: إذا كانت المكافأة هي قضاء بعض الوقت مع أصدقائهم، فلن تكون العاقبة هي إلغاء هذا الوقت.
- متضمنة اعتذارًا إذا كان السلوك السلبي يؤثر على شخص آخر
مثال: “إذا كسرت أشياء تخص شخصًا آخر، عليك الاعتذار ومساعدته على إصلاحها”
العواقب لا يجب أن تكون:
- متضمنة لأي عقاب بدني.
- تحرم المراهقين من حق لهم كالطعام أو الذهاب للمدرسة. ولكن بدلاً من ذلك، يمكنها أن تكون مقيدة لأحد الامتيازات مثل تقليل وقت الراحة مع الأصدقاء، أو إضافة مسؤوليات كالقيام بالمزيد من المهام والأعمال.