يعيش كثير من الأطفال معاناة الحروب والصراعات ويعانون من ويلاتها، ومنها التجربة القاسية التي يعيشها أطفال غزة حاليا جراء حرب الاحتلال الإسرائيلي على بلدهم.
وكحال غزة تتعرض عدد من البلدان لصراعات وحروب تترك أثرها العميق في الأطفال، ومنها أفغانستان والسودان.
يشاهد كثير من الأطفال في شتى أنحاء العالم تفاصيل الحروب الدائرة على الشاشات، ويتأثرون بها أيضا، فما هي الآثار النفسية التي تتركها عليهم الحروب، وكيف يمكن مساعدتهم على النجاة من أثرها السلبي؟
شجعيه على التعبير
تقول الأخصائية في علم النفس الإيجابي تغريد صعب: “أطفال الحرب حساسون وموجوعون”، لذا علينا أن نخاطب عواطفهم، وليس فقط أن نطمئنهم بطريقة ملموسة.
لا تمنعيه من البكاء
“علينا أن نتجنب قول: لا تبك، فهذا أخطر ما نقوله لأطفالنا، فإذا كان يشعر بالحزن يجب أن يبكي للتعبير عن مشاعره”، وفقا لصعب.
جنبيه مشاهدة مناظر قاسية ما أمكن
وتنبه صعب إلى أنها هنا لا تتكلم فقط لأنها أخصائية نفسية، “بل كشخص عاش الحرب فعليا في لبنان عندما كان عمري أقل من 3 سنوات، وما زلت أتذكر صورة رأيتها على شاشة التلفزيون لمجزرة وعلقت برأسي، مع العلم أن أهلي كانوا حذرين من أن نشاهد هذه المناظر، وبقيت الكوابيس تلاحقني لوقت طويل.. وإلى الآن أتذكرها”.
ولهذا تنصح صعب الأهل بعدم تعريض أطفالهم لمشاهدة صور الحروب على شاشات التلفاز، لأنها سوف تعلق بذاكرتهم، وقد تتسبب لهم بمشكلات نفسية لاحقا.
مشكلات نفسية
أما المستشارة الأسرية والمرشدة المجتمعية همسة يونس، فتؤكد أن ما يتعرض له أطفال الحروب من مشاهد رعب وقتل ودمار “سيترك آثاراً نفسية سلبية عديدة عليهم، سواء على المدى القريب أو البعيد، لذلك هم بحاجة إلى جلسات تأهيل نفسي تجعلهم يخرجون من هذه الحرب بأقل الخسائر النفسية”.
وتضيف يونس أن أجواء الحروب تولد لدى الأطفال مشاكل عديدة منها:
- القلق الشديد، وخاصة الخوف من الموت أو الفقدان.
- مشاكل النوم والأحلام المزعجة المترتبة على الذكريات المؤلمة التي خزنها عقلهم الباطن.
- ويمكن أن يدخل الطفل في حالة حزن شديدة قد تعرضه للدخول في حالة اكتئاب.
- من الممكن أن يصبح سريع الانفعال، ويدخل في نوبات غضب شديدة مبالغ فيها عند أبسط المواقف كنوع من التفريغ الانفعالي لجرعات الألم والخوف والقلق التي مروا بها في مشاهد الحرب.
فرغيه من الانفعالات النفسية
وفقاً لما رأيناه على الشاشات وما تحدّث به أهل غزة، فإن هذه الحرب كانت الأقسى والأكثر شراسة، وهذا يتطلب مجهوداً أكبر من الأهل والأطفال لتجاوز التراكمات النفسية المترتبة على الحرب، كما تقول يونس.
وتقول يونس “خلال تواصلي مع الأمهات بعد الهدنة، فقد عبرن لي عن شعورهن بأنهن فقدن الإحساس بأي شيء، وأنهن غير قادرات حتى على البكاء، وهذا يتطلب مساعدة الأمهات والآباء أيضا على التفريغ الانفعالي ليتمكنوا من دعم أبنائهم نفسياً.
وتقدم يونس بعض النصائح المهمة في التعامل مع الأطفال في ظروف الحروب، ومنها:
- اطلبي من الأطفال القيام بعمل تمرين التنفس؛ بعمل شهيق وزفير طويل وعميق مع العد للعشرة.
- شجعي الأطفال على ترديد بعض الأذكار وسور القرآن الكريم القصيرة التي يحفظونها؛ لتعزيز الإحساس باليقين والتوكل على الله وأنهم في حماية الرحمن.
- شجعي الأطفال على تفريغ خوفهم، من خلال منحهم مساحة للتعبير عن مشاعرهم سواء بالحديث أو حتى البكاء.
- امنحي الطفل مساحته ليسترجع ذكريات عاشها في البيت الذي فقده أو مع الشخص الذي فقده.
يونيسيف تنصح
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” قدمت نصائح للتعامل مع أطفال الحروب نشرتها على موقعها الرسمي على النحو التالي:
- اكتشف ما يعرفونه وطبيعة ما يشعرون به، عندما يشعر الطفل بالراحة يتحدث بحرية.
- لا تقلل من شأن مخاوف أطفالك ولا تتغافل عنها.
- الرسم وقراءة القصص أنشطة تفتح الحوار مع الأطفال.
- حافظ على حديثك هادئاً متناسباً مع عمر الطفل.
- لا تبالغ في مشاركة مخاوفك مع طفلك.
- بقدر استطاعتك طمئن أطفالك بأنهم في مأمن من أي خطر.
- التركيز على من يقدمون المساعدة، من المهم أن يعرف الأطفال قصصا ذات تأثير إيجابي.
- ذكّر أطفالك بأن العديد من الناس يعملون بجد في جميع أنحاء العالم لوقف الصراع وإحلال السلام.
- تجنب التحدث عن هذه المواضيع قبل النوم مباشرة.
- إذا حدثك طفلك عن مخاوفه قبل وقت النوم مباشرة فاختم حوارك معه بأمر إيجابي -مثل قراءة قصته المفضلة- لمساعدته على النوم بعمق.