قد تتضمن تنشئة الأطفال شعور الوالدين بالكثير من المشاعر المتناقضة — من السعادة والحب إلى القلق والخوف، ولا تخلو تنشئة الأطفال من الشعور بالإجهاد النفسي.
الإجهاد النفسي ينتابنا جميعاً، وهو استجابة إنسانية طبيعية. وقد يفيدنا الشعور بقدر قليل من الإجهاد النفسي في حياتنا اليومية — فهو يساعدنا على التركيز وعلى أن نكون منتجين. ولكن يمكن أن يكون الإجهاد النفسي ضاراً عندما يصل إلى مستويات عالية أو عندما يستمر إلى فترات طويلة، مما يقود إلى الإرهاق والإنهاك.
تتسبب العديد من متطلبات الحياة بالإرهاق النفسي، من قبيل العمل والعلاقات والسعي لتحقيق التوازن بين واجبات المرء في العمل وواجباته كوالد أو والده. وعندما تشعر بالإرهاق النفسي، فقد يمنعك ذلك عن التعامل مع هذه المتطلبات مما قد يؤثر على كل ما تفعله. وقد يصل الأمر إلى أن تشعر بالإجهاد النفسي حتى عند أداء أبسط المهمات.
ما هي الخطوة الأولى لتقليص الإجهاد النفسي؟ تلطّف مع نفسك. واعرف أن كون المرء والداً هو أمر صعب وأنه ما من والدين يتسمون “بالكمال”. إن تخصيص وقت للعناية بنفسك ليس أمراً من الرفاهيات، بل هو ضرورة. فعندما نعتني بأنفسنا، يمكننا أن نعتني بأطفالنا عناية أفضل أيضاً.
إدراك علامات الإجهاد النفسي
ليس بوسعنا أن نتجنب الإجهاد النفسي تجنباً تاماً، ولكن ثمة طرق لمنعه من أن يطغى علينا. يؤثر الإجهاد النفسي على الناس بطرق مختلفة، ومن بين التأثيرات التي يشعر بها الناس الشعور بجسامة العبء، وزيادة القلق، والنزق، والإرهاق.
حاول تمييز العلامات التي تدل على أنك بحاجة إلى استراحة، واتخذ خطوات لإيقاف الإجهاد النفسي قبل أن يتراكم — ويمكن لأنشطة من قبيل الذهاب في جولة مشي قصيرة، أو تناول فنجان من الشاي، أو ممارسة تمارين التنفس، أن تحقق فرقاً. ومن خلال القيام بذلك فإنك تساعد في إعادة التوازن لجسمك ومنع تراكم الإجهاد النفسي الذي قد يؤدي إلى الإنهاك.
ما الذي عليك فعله إذا شعرت بالغضب
إذا شعرت بأن الغضب ينتابك، ابتعد قليلاً وخصص 20 ثانية لتهدّئ نفسك. تنفّس بعمق وبطء 5 مرات قبل أن تتحدث أو تتحرك. وإذا كان يمكنك المغادرة فاذهب إلى مكان ما لمدة 5–10 دقائق لاستعادة السيطرة على مشاعرك.
ما هو الإنهاك؟
الإنهاك هو أحد التبعات السلبية لتراكم الإجهاد النفسي، وهو حالة من الإرهاق البدني والعاطفي والعقلي تنتج عن التعرض لفترات طويلة لعوامل الإجهاد أو لأوضاع مجهدة تتطلب انفعالات عاطفية، وهو إرهاق عاطفي.
ويتضمن الإنهاك العديد من الأعراض التي قد تكون بدنية وعاطفية في آن معاً، من قبيل:
· الشعور بالتعب في معظم الأوقات
· صعوبات في النوم أو الإفراط في النوم
· تراجع الأداء
· مشاكل في التركيز والذاكرة
· عدم القدرة على اتخاذ قرارات
· توتر في العضلات
· الإصابة بالأمراض بتواتر أكثر من المعتاد، والمعاناة من صداع متكرر أو ألم في المعدة
· الضجر ونفاد الصبر
· تراجع الشعور بالتعاطف مع الآخرين
إذا كان ينتابك أي من هذه الأعراض، فقد يكون ذلك علامة على أنك تشارف على الإنهاك أو أنك بدأت في مرحلة الإنهاك بالفعل. وهذا يمثل علامة أن الوقت قد آن لتتوقف برهة وتسعى للحصول على دعم وتركز على الرعاية الذاتية. وإذا كنت تشعر بأنك بحاجة إلى دعم إضافي، فلا تتردد بالتواصل مع متخصص مهني يمكنه مساعدتك في إيلاء الأولوية للرعاية الذاتية وتحري كيفية إدارة الإجهاد النفسي.
أساليب استرخاء للوالدين
إن تنفسك يؤثر على جسدك بأكمله. وعندما تشهر بالإجهاد النفسي أو القلق، يصبح جسدك مشدوداً ويتسارع تنفسك. ويمكنك استخدام أساليب التنفس لمساعدتك في تهدئة نفسك. وقد يكون مفيداً جداً أن تمضي دقيقتين أو ثلاث في التنفس بعمق مرتين يومياً لمساعدتك على الشعور بالهدوء.
يمكن أداء التمارين التالية في أي مكان وفي أي وقت.
التنفس العميق
حاول التنفس ببطء وعمق لملء رئتيك بالهواء، ثم ازفر الهواء ببطء حتى تفرغ رئتيك. يمكنك العد إلى رقم خمسة لكل شهيق وزفير لمساعدتك على التنفس ببطء. حاول ممارسة ذلك لمدة دقيقتين أو ثلاث. وإذا كنت تقوم بذلك بصحبة أطفالك، فاشرح لهم أنهم عندما يستنشقون الهواء فإنهم ينفخون بطونهم بلطف مثل بالون، وأنهم عندما يزفرون يخرج الهواء ببطء وكأنه يخرج من بالون.
استمع إلى تنفسك
قد يكون مفيداً أن تستمع إلى تنفسك مع دخول الهواء وخروجه. ويمكنك وضع يدك على بطنك لتشعر بصعوده وهبوطه مع كل نفس. استمع إلى تنفسك لفترة من الوقت.
أضِفْ حركة هادئة
ضع يديك أسفل خصرك وأبقِ راحتي يديك مفتوحتين. ارفع يديك ببطء مع تنفسك عبر أنفك. توقّف عندما تصل يداك إلى مستوى كتفيك. أنزِل يديك ببطء إذ تزفر الهواء من فمك.
أهمية الرعاية الذاتية
الرعاية الذاتية هي أي نشاط نقوم به عن قصد لرعاية صحتنا العقلية أو العاطفية أو البدنية. ورغم أن هذا المفهوم بسيط، إلا أننا كثيراً ما نتجاهله.
تُعتبر الرعاية الذاتية الجيدة أمراً أساسياً لتحسين المزاج وتقليص القلق. ويمكن لنشاط الرعاية الذاتية أن يكون بسيطاً من قبيل تخصيص وقت لتناول فنجان شاي، أو الاستماع إلى الأغاني المفضلة، أو الخروج في جولة مشي. فكّر في بعض الأنشطة البسيطة التي تجدد طاقتك.
يتعين أن تكون الرعاية الذاتية أمراً تخططه بفاعلية، بدلاً من تركه للمصادفة. عليك وضع أنشطة محددة على جدولك الزمني، وأن تبلغ الآخرين بخططك لتزيد من فرصة التزامك بها، وابحث باستمرار عن فرص لممارسة الرعاية الذاتية. تفحّص ما إذا كان يمكنك إدماج أنشطة الرعاية الذاتية في أنشطتك اليومية بدعم من الآخرين المحيطين بك.