تأخر في المشي، والجلوس، والنطق، والإدراك… مشاكل قد يعاني منها بعض الأطفال، فتعرقل نموهم الذهني، وفي بعض الأحيان النمو الجسدي، والتي تكون أسبابها مرتبطة بالجهاز العصبي المركزي، كما قد تتعلق بأسباب نفسية مرتبطة بالمحيط الذي يعيشون فيه.
قد يكون تأخر نمو الطفل الجسدي والفكري مسألة طبيعية ومؤقتة، كما قد يرتبط بوجود مشكلة صحية معينة، مما يجعل بعض الآباء يتساءلون عن كيفية التمييز بين التأخر الطبيعي وذلك المرتبط بمشكلة صحية يعاني منها الطفل.
الأسباب
أفاد الدكتور جلال الودغيري، اختصاصي طب الأطفال، أن تأخر النمو والإدراك لدى بعض الأطفال يتعلق بحالة تسبب ظهور الطفل وكأنه أصغر سنا عن باقي أقرانه، حيث يظهر ذلك من خلال النطق، الحركة والإدراك، بالإضافة إلى العديد من الأعراض.
وأضاف المتحدث ذاته، في حديثه مع “SNRTnews”، أن هذه الاختلافات قد تكون طبيعية ترتبط بأسباب عابرة، كمحيط الطفل والبيئة التي يعيش فيها، كما قد تبدو على الطفل علامات التأخر، بسبب إصابته بمشاكل صحية، تتعلق بمرحلة ما قبل الولادة، بتركيب الجينات أو نقص الأوكسجين أثناء الولادة، كما قد يتعلق الأمر بعوامل وراثية.
“إصابة الطفل بقصور على مستوى الإدراك والتفاعل مرتبط بمجموعة من الأسباب والعوامل؛ أبرزها البيئة والمحيط الذي يعيش به الطفل، حيث يؤدي انعدام التواصل، وتدريب الطفل منذ صغره على التفاعل والحركة، إلى تأخر إدراكه، إذ يجب على الآباء الحرص على التواصل والتفاعل معه منذ شهوره الأولى، كما يساهم عزل الطفل عن أقرانه وتفادي تسجيله في الحضانات إلى انعدام قدرته على مواكبة باقي الأطفال في الحديث والحركة”، يوضح الودغيري.
كما أشار اختصاصي طب الأطفال إلى أن التأخر قد يكون مرتبطا بعوامل صحية بسبب اضطرابات بعض خلايا الدماغ تصيبه منذ ولادته. بالإضافة إلى نقص حجم الطفل عن الوزن الطبيعي الذي قد يساهم في التأثير على عملية تنفسه، ووظائفه الجسمانية وفي بعض الأحيان قلبه، وبالتالي حدوث بعض التأخر على مستوى النمو الذهني للطفل. وقد تكون هذه الإصابات مؤقتة، تختفي مع تقدم الطفل في السن بالإضافة إلى العلاج الطبي.
أعراض تدل على تأخر النمو والإدراك عند الأطفال
بهذا الصدد كشف جلال الودغيري عن الأعراض الدالة على إصابة الطفل ببطء أو تأخر في النمو والإدراك من بينها:
عندما يتعلق الأمر بأسباب نفسية مرتبطة بالمحيط:
– عدم تطور المهارات الحركية لدى الطفل، خاصة تلك المتعلقة بالجلوس، الوقوف، المشي، الاستلقاء والحبو.
– عدم قدرة الطفل على التفاعل، وتطبيق بعض المهارات التي تتطلب التركيز.
– الاعتماد دائما على أحد الأبوين في تنفيذ بعض الأنشطة المرتبطة بالحياة اليومية، كدخول الحمام، النوم، مشاهدة التلفاز، دخول المطبخ وغيرها، رغم تقدمه في السن.
– عدم قدرة الطفل على الاستغناء عن بعض العادات مرتبطة بالفترة التي كان بها رضيع.
– تأخر النطق، خاصة عندما يتعلق الأمر بكلمات بسيطة.
عندما يتعلق الأمر باضطرابات خلايا الدماغ:
– صعوبة في تحريك الرأس بشكل طبيعي تظهر منذ نشأة الطفل.
– عدم القدرة على البكاء بشكل طبيعي.
– صعوبة تتبع حركات اليد أو الإشارات.
– عدم استقرار النظرات.
– صعوبة في التحرك والحبو في الشهور الأولى.
التشخيص والعلاج
أوضح جلال الودغيري أنه في بعض الحالات يتم تشخيص اضطرابات النمو منذ الولادة، عندما يتعلق الأمر بسبب مرضي. وبالنسبة لحالات أخرى يتم تشخيص هذا النوع من الاضطرابات، مع تقدم الطفل في العمر ونموه، مشيرا إلى أنه في جميع الحالات، يجب إجراء الفحوصات الازمة، عن طريق إجراء بعض التحاليل، التصوير بالأشعة والكشف الطبي الدقيق.
“بعد التوصل للتشخيص وظهور أسباب اضطراب النمو، يتم البدء بالعلاج عن طريق وصف الأدوية المناسبة حسب الحالة، كإخضاع الطفل لعلاج هرموني، الذي يتم بواسطة نظام علاجي دقيق، وكذلك الاستعانة بجلسات الترويض الطبي، لمساعدة الطفل على تطوير قدراته الحركية والذهنية”، يشرح الودغيري.
وأَضاف: “في حال لم تظهر الفحوصات أي أمراض مرتبطة بالدماغ أو الجينات، يبقى الأمر متعلقا بأسباب نفسية أو محيطية، في هذه الحالة ننصح الآباء بزيادة التواصل مع الطفل، وإعطائه مساحة أكثر للعب مع أقرانه، بالإضافة إلى إشراكه في أنشطة متنوعة.
ويجب الحرص على عدم تعود الطفل الصغير على الهواتف الذكية واللوحات الإلكترونية، التي تساهم في خموله والتأثير على تركيزه، واستبدالها باللعب اليدوية التي تتطلب الحركة والتركيز”.
وفي ختام حديثه، شدد الدكتور الودغيري على ضرورة القيام بزيارات دورية لعيادة طبيب الطفل لمراقبة وضعه الصحي ونموه.