“إن الوقود ضرورة للاستجابة الإنسانية لليونيسف وشركائها — وبالتالي لحياة كل من يعتمد علينا من الأطفال وأسرهم في قطاع غزة. إننا بحاجة إلى الوقود لنقل الإمدادات المنقذة للحياة — كالأدوية وعلاجات سوء التغذية والخيام وأنابيب المياه — ولنقل الموظفين ليصلوا إلى الأطفال والأسر المحتاجة. ولكن تكثيف العمليات العسكرية في منطقة رفح وإغلاق المعابر الحدودية الرئيسية المؤدية إلى جنوب غزة قد منعا وصول الوقود، مما يهدد بتوقف العمليات الإنسانية.
“إن ما تبقى من البنى التحتية الأساسية في غزة التي لا تزال تعمل ولو جزئياً تعتمد بدورها على الوقود لتوفير الخدمات المنقذة للحياة. ويشمل ذلك ما تبقى من المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية، ومحطات تحلية المياه، وآبار المياه، ومضخات الصرف الصحي، وعمليات جمع النفايات الصلبة — وقد ينفد وقودها جميعها في أيام، بل ساعات.
“إن الوضع رهيب. وإذا لم يتم إعادة فتح معبري كرم أبو سالم ورفح لمرور الوقود والإمدادات الإنسانية، فسوف تتجلى العواقب على الفور تقريباً: ستنقطع الكهرباء عن حواضن الأطفال الخدج؛ وسيصاب الأطفال والأسر بالتجفاف أو يضطرون إلى شرب مياه خطيرة؛ وستفيض مياه الصرف الصحي مما سيزيد انتشار الأمراض. ببساطة، فإن الوقت المهدور يعني أرواحاً تُهدر سُدى.
“إنني أحث السلطات المعنية، بكل قوة، على تزويد الجهات الفاعلة الإنسانية بتدابير قابلة للتنفيذ وبضمانات ملموسة لتسهيل الحركة الآمنة للشحنات الإنسانية، عبر جميع الطرق، إلى قطاع غزة وضمنه.
“كما أشعر بقلق بالغ إزاء حركة مدنيي غزة إلى مناطق غير آمنة. إذ أفادت التقارير أن 80 ألف شخص على الأقل قد فروا من شرق رفح استجابة لأوامر الإخلاء، ولجأ العديد منهم إلى المواصي أو أنقاض خان يونس. وما زلنا نحذر منذ أشهر أن المواصي ليست خياراً آمناً: فهي شريط ساحلي ضيق يفتقر إلى البنى التحتية الأساسية الضرورية لدعم السكان — كالمراحيض والمياه الجارية. وعلاوةً على ذلك، فمعظم الأطفال في رفح قد نزحوا بالأصل مرات عدة بسبب القتال، في انتهاك مباشر لحقوقهم الإنسانية وللقانون الدولي الإنساني.
“وختاماً، لقد حذرنا أيضاً على مدى أشهر من أن أي تصعيد عسكري في رفح سيؤدي إلى معاناة إنسانية جمة. والآن نرى ذلك يتحقق أمام أنظارنا. لقد عانى أطفال غزة بشدّة في هذه الحرب. لقد قُتل أكثر من 14 ألف طفل، وفق آخر تقديرات وزارة الصحة الفلسطينية، كما أصيب آلاف آخرون أو فقدوا أفراداً من أسرهم أو أحبائهم أو أصدقائهم، كما أن هناك نحو 17 ألف طفل أصبحوا غير مصحوبين أو منفصلين عن ذويهم. لقد تعرض جميع أطفال غزة تقريباً لتجارب الحرب المؤلمة، التي ستستمر عواقبها عليهم مدى الحياة. ويعاني العديد منهم من إصابات بالغة أو الإنهاك أو المرض أو سوء التغذية أو الصدمة النفسية. ومع هذا التصعيد الأخير في رفح، بات عليهم الآن أن يتحملوا المزيد من الألم والمعاناة.
“إنني أناشد أطراف النزاع لوقف القتال فوراً، وحماية الأطفال والبنى التحتية المدنية، ومنح الجهات الفاعلة الإنسانية المساحة وإمكانية الوصول اللازمتين لبدء استجابة إنسانية واسعة متعددة الوكالات بشكل آمن داخل قطاع غزة — إذ هناك حاجة ماسة إليها”.