في عالم يتسارع كل يوم، ويزداد فيه السعي نحو الإنجاز والنجاح، أصبح فقدان الشغف ظاهرة تتكرر مع أغلب الناس. وإن كنت تظن أنك وحدك من يشعر بالثِقل، أو بأن الأشياء لم تعد تُفرحك كما كانت، فاطمئن… فأنت لست استثناءً، بل جزء من دائرة يقع فيها الكثير دون أن ينتبهوا.
لكن المفاجأة تكمن في أن تسعين في المئة من الناس يرتكبون خطأ واحدًا هو السبب الأول في اختفاء شغفهم… والأغلب أنك تقوم به أنت أيضًا.
ما هو هذا الخطأ؟
عندما يبدأ الشغف بالانطفاء، يلجأ معظم الناس إلى ما اعتادوه دومًا:
الضغط على أنفسهم أكثر.
يظنون أن الحل في مزيد من الجدّ، ومزيد من الجهد، وأن عليهم إجبار أنفسهم على الاستمرار مهما كان الثمن.
يقارنون إنجازاتهم بغيرهم، ويلومون أنفسهم لأنهم لم يعودوا كما كانوا، ويعتبرون فقدان الشغف دليلاً على الضعف أو الكسل.
لكن الحقيقة مختلفة تمامًا…
فقدان الشغف ليس سقوطًا، بل إشارة إنذار، تهمس بأن شيئًا ما في داخلك لم يعد على ما يرام.
إنه رسالة تقول لك: “توقّف… لقد تغيّرت، وما كنت تريده سابقًا لم يعد يناسبك الآن.”
لماذا لا يعود الشغف رغم كل هذا الضغط؟
لأن الضغط يزيد ابتعادك عنه.
الشغف بطبيعته شيء ينمو في بيئة الحريّة، لا الإجبار.
ينمو حين تمنح نفسك مساحة للاكتشاف، للهدوء، للتجربة، وللإصغاء إلى صوتك الداخلي بعيدًا عن ضجيج التوقعات.
حين تعمل تحت سيف اللوم المستمر، أو حين تجعل حياتك سباقًا بلا نهاية، فلن يبقى للشغف مكان ليعود إليه.
فهو يحتاج إلى تنفّس… لا إلى جدران تُطْبق عليه.
كيف يستعاد الشغف فعلًا؟
استعادته لا تحتاج إلى ثورة، بل إلى خطوات بسيطة وصادقة:
امنح نفسك استراحة دون شعور بالذنب.
جرّب شيئًا جديدًا، حتى لو كان صغيرًا.
اقترب من نفسك بدل الهروب منها.
اسألها: “ما الذي تغير في داخلي؟”
تقبّل أن رغباتك اليوم قد تختلف عن رغباتك أمس… وهذا طبيعي.
الشغف ليس حدثًا مفاجئًا… إنه نتيجة انسجام بينك وبين ما تريده حقًا، لا ما تتوقعه من نفسك أو يتوقعه الآخرون منك.
في النهاية…
ربما تكون ممّن يقع في ذلك الخطأ الشائع، وربما لا، لكن المؤكد أن فقدان الشغف ليس نهاية الطريق.
بل هو بداية مرحلة جديدة، أكثر نضجًا ووعيًا، إذا أحسنت فهمها.
هل سبق أن شعرت بأن شغفك يخبو… رغم أنك تبذل جهدًا أكبر؟



